العوا يكشف قناعه الإخواني: أنا صاحب شعار "الإسلام هو الحل" .. والهلالي خارج عن الملة!



كتب - عبد السميع جميل

كلما ظننت أن عجلة الزمن تدور إلى الأمام، حاملة معها فرص التغيير والتطوير في أكثر الوجوه تشدداً في صفوف الجماعات الدينية المتطرفة، تباغتني صفعة الواقع المؤلم لتعيدني خطوات إلى الوراء. المثال الأبرز هنا كان الدكتور محمد سليم العوا، الذي توهم البعض أن تقلبات الزمن ستجعله يعيد النظر في إرثه المتخم بالتحريض الديني وإثارة الفتن الطائفية، غير أن الرجل عاد ليذكرنا بأنه لم يتغير منذ خرج عبر قناة الجزيرة في برنامج "بلا حدود"، مدعياً أن المسيحيين في مصر يخبئون أسلحة مهربة من إسرائيل داخل الكنائس، مفجّرًا أزمة طائفية كادت تعصف بالنسيج الوطني حينها، قبل أن يتراجع تحت ضغط الغضب الشعبي زاعمًا أنه أسيء فهمه.
العوا، الذي ارتبط اسمه طويلاً بالدفاع المستميت عن الجماعات الإسلامية المتطرفة، ووقف في ساحات المحاكم مدافعًا عن محمد مرسي ومحمد بديع وقيادات الإخوان المسلمين وخلايا حزب الله في مصر، لم يتوانَ يومًا عن مهاجمة أصوات التنوير والعقلانية، ولم تثنيه هزيمته في مناظرته المجهولة مع الدكتور فرج فودة، التي سبقت اغتياله، من تكرار ذات الدور المسموم بلا مراجعة أو ندم.
اليوم، يعود العوا من بوابة منصة "ذات مصر"، متسلحًا بذات العبارات المكرورة، ليستأنف هجومه على الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الذي اجتهد وأبدى رأيًا فقهيًا في قضية المساواة في المواريث، فانهال عليه العوا بوابل من الاتهامات بالتكفير، مدعيًا أن الهلالي خرج عن الملة، مطالبًا شيخ الأزهر أحمد الطيب بإحالته إلى مجلس تأديب وإجباره على الاعتذار العلني على نفس الشاشة التي أطلق منها هذه التصريحات، في مشهد يذكرنا بمحاكم التفتيش التي ظننا أن زمنها قد ولى.
في حديثه، استعاد العوا هوايته القديمة في نسج نظريات المؤامرات، زاعمًا أن الهلالي ليس سوى أداة بيد أطراف خارجية تهدف إلى النيل من الإسلام، ولمّح إلى وجود جهات تدعمه وتوجهه، مهددًا السلطة السياسية بطريقة غير مباشرة بأنها تتحمل نفس أوزاره إذا استمرت في دعمه أو السماح له بالظهور الإعلامي!، فيما يشبه ابتزاز السلطة وتحريضها على الهلالي!
الأكثر إثارة للدهشة أن العوا اعترف دون أي حرج بأنه لم يشاهد تصريحات الهلالي أصلا، مكتفيًا بما سمعه ليبني عليه جبالًا من التكفير والتحريض، دون أدنى محاولة للتثبت أو الفهم. وزاد على ذلك حين قلل من شأن الهلالي بدعوى أنه لم يقرأ له سوى مقال قديم عن حق السعاية، واعتبر نقل الهلالي لفتوى ابن عرضون في هذا المقال مثالاً على الجهل وعدم المعرفة بأصل الفتوى نفسها!.
المفارقة أن العوا استشهد بآية "فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ" في محاولة لإغلاق الباب أمام أي نقاش حول قضية المواريث، رغم أن هذه الآية نفسها وردت عقب آية الوصية التي اعتبرتها كتب الفقه منسوخة ومبدلة بآيات المواريث، وكأن العوا يناقض نفسه دون أن يدرك حجم التناقض الذي وقع فيه.
لم يكن حديث العوا خاليًا من مفاخرة بأدواره السابقة في خدمة مشروع جماعة الإخوان، فقد زعم بكل فخر أنه أول من صاغ شعار جماعة الإخوان المسلمين الشهير: "الإسلام هو الحل"، موضحًا إنه شارك في نحت هذا الشعار إلى جانب عادل حسين، وقال بلا مواربة: "هذا الشعار نحت من قبل شخصين، أنا وعادل حسين، أنا طرحت الفكرة، فأيدها".
لكن الحقيقة التي تجاهلها العوا عمدًا، أن هذا الشعار لم يكن من ابتكاره كما حاول أن يوحي، بل سبق استخدامه من قِبل خالد الزعفراني، القيادي الإخواني المنشق، الذي وضعه عنوانًا لكتابه "الإسلام هو الحل" الصادر عام 1979، أي قبل الواقعة التي أشار إليها العوا بتسع سنوات كاملة. هذا العنوان تحوّل لاحقًا إلى شعار انتخابي شهير لتحالف الإخوان مع حزبي العمل والأحرار في انتخابات 1987، ثم استمر استخدامه في كل الانتخابات التالية حتى صار الشعار الحصري للجماعة بعد تجميد حزب العمل.
العوا تجاوز كل هذه الحقائق، متغافلًا أن هذا الشعار لطالما استخدم لبيع الوهم للبسطاء تحت ستار الدين، موحيًا بأن الدين يحمل حلولًا سحرية لكل مشاكلهم الحياتية من التعليم والصحة إلى الإسكان والطاقة والصرف الصحي، في حين أنها في الحقيقة مشاكل دنيوية يتطلب حلها العمل الجاد والبحث العلمي المستمر، دون إدعاء بامتلاك حل سحرية لها في أي دين من الأديان، إلا عند تجار الدين الذين يريدون استغفال الناس والتلاعب بمشاعرهم الدينية لتحقيق مكاسب سياسية.
واللافت أن العوا لم يشر إلى الشعار الأول الذي تبنته الجماعة في الانتخابات، وهو شعار كان يحمل نبرة تكفيرية واضحة: "عودي يا مصر إسلامية"، وكأن مصر قد خرجت عن دينها! ذلك الشعار الذي وضع الجماعة حينها في مأزق بالغ الحرج، دفعهم لاحقًا إلى محاولة والتستر عليه بصياغة شعار بديل، وهو ما زعم العوا أنه قام به، ليؤكد مرة أخرى أننا أمام شخصية بارعة في التجارة بالدين في السياسة.
لقاء العوا لم يكن كاشفًا بدرجة غير مسبوقة عن وجهه الإخواني المتطرف فقط، بل تجاوز ذلك ليُظهر انفصاله التام عن الواقع وإصراره على اجترار نفس الخطاب الممجوج حول ما يسميه "انتصار حماس" في عملية السابع من أكتوبر، مدعيًا أن ما حدث يفوق في أهميته وقوته حرب أكتوبر عام 1973، في تصريحات تعكس حالة إنعدام قدراته العقلية على الفهم وتبلد قلبه من الإحساس بحجم الكارثة الإنسانية والسياسية التي خلفتها تلك العملية في غزة، كارثة لا تزال تهدد بإغلاق ملف القضية الفلسطينية تماما.
لم يتوقف العوا عند هذا الحد، بل حاول تبرير مشاهد الدماء والدمار التي خلفتها العملية، زاعمًا أن "كل هذه الدماء لا تساوي شيئًا أمام استعادة الأمة جزء من كرامتها"!. فقط لمجرد انحيازه الإخواني يغض الطرف عن معاناة أهل غزة، وعن خطر التهجير المحقق، بل وعن ضياع القضية الفلسطينية برمتها، حتى أن أحد قادة حماس أقر بأنه لو كان يعلم بهذه النتائج الكارثية لما أقدم على تلك العملية منذ البداية. ورغم ذلك، يواصل العوا الدفاع، متحدثًا باسم حماس، ومؤكدًا أنها لن تتخلى عن سلاحها أبدًا، بل وستعود لتقاتل من تحت الأرض إذا اضطرت.
المثير أن العوا لم يكتفِ بتبرير ما حدث، بل راح يحرض الشعوب العربية على حكوماتها، داعيًا الأفراد والجماعات إلى "الجهاد"، مؤكدًا أن هذا الواجب لا يسقط عن عاتق الفرد!. قالها بوضوح: "الجهاد لا يسقط عن عاتق الفرد! نعم واجب الجهاد ليس على مجموع الأمة فقط". معتبرًا "الجهاد أمر واجب وليس مجرد رخصة أو إذن أو إباحة"، في تجاهل تام لتعقيدات الواقع السياسي، ومتطلبات المصالح الوطنية لكل دولة. ورغم ذلك لعب دور المحرض الذي كان يتركه للصف الثاني من الجماعة ودعا صراحة "من ليس بيده القرار أن يدفع الحكومات ومن بيده القرار من الحكام إلى الوقوف مع المقاومة في مواجهة إسرائيل".
ولم يُلمح العوا في حديث إلى التحريض على الأنظمة العربية بشكل غير مباشر، بل صرح بمهاجمة دولة الإمارات، واتهمها صراحة بالتحالف مع إسرائيل، معتبرا اعتقالها عبد الرحمن القرضاوي ابن صديقه الإخواني يوسف القرضاوي، نوع من الظلم، معتبرا تجاوزات وبذاءة وتحريض ابن القرضاوي مجرد "شطط شعراء"، في حين اعتبر اجتهاد الدكتور الهلالي، الذي يتسم بالهدوء والعقلانية، نوعًا من الشطط الذي يستوجب المحاكمة والمحاسبة. يا للعجب، كيف تنقلب الموازين وتصبح الحكمة تهمة بينما يتحول الغلو والتطرف إلى مبرر ومسوغ!

بدأت منذ حرب فلسطين .. ما لا تعرفه عن علاقة عبد الناصر بإسرائيل

 

في عالم السياسة، تبقى بعض القصص محاطة بالضباب، لا تتكشف تفاصيلها إلا مع مرور الزمن، وعلاقة جمال عبد الناصر بإسرائيل كانت واحدة من أكثر هذه القصص إثارة للجدل والغموض. تسجيل صوتي مسرب نُشر مؤخراً للقاء جمع عبد الناصر بالرئيس الليبي معمر القذافي، جاء كطلقة مدوية أضاءت جانباً خفياً من شخصية الزعيم المصري الذي تحدث بلهجة براجماتية لافتة، قائلا: "اللي عايز يحارب إسرائيل يتفضل يحارب، وأنا مستعد أديكم 50 مليون جنيه معونة عشان تحاربوا وحلوا عننا.. أي مساعدات احنا مستعدين ما عدا الناس.. الناس مش مستعد".

البداية من حرب فلسطين!

لكن المدهش أن هذا التحول البراجماتي لدى عبد الناصر لم يكن وليد لحظة الانكسار بعد نكسة 67، بل كان ضاربًا بجذوره في أعماق تجربته الأولى في حرب فلسطين عام 1948. فالشاب الذي ذهب إلى القتال حاملاً بندقيته، عبّر في مذكراته التي كتبها بخط يده، عن مشاعر مختلطة من قلب ميدان المعركة حيال الحرب قائلاً: "وأحسست من قلبي أني أكره الحرب، وأحسست أن الإنسانية لا تستحق شرف الحياة إذا لم تعمل بقلبها من أجل السلام"!.

إحدى أكثر اللحظات إثارة في سيرة عبد الناصر خلال حرب 1948 حدثت أثناء حصار الفالوجة، عندما اجتمع ضباط مصريون وإسرائيليون حول مائدة واحدة لتناول الغداء معاً، في مشهد يختزل عبثية الحرب، وكان من بين هؤلاء الضباط إسحق رابين، الذي سيصبح لاحقاً رئيس وزراء إسرائيل. عبد الناصر وثق هذا اللقاء في مذكراته التي جمعتها لاحقًا ابنته هدى دون أن يذكر اسم رابين، مكتفياً بالإشارة إلى "القائد اليهودي الذي استقبلهم بشكل جيد".

في فيلم وثائقي بعنوان “شالوم رابين”، أكدت الوثائق الإسرائيلية وشهادات المؤرخين أن اللقاء كان حقيقياً، مشيرين إلى أن قائد المنظمة اليهودية السرية حينها، إيغال ألون، نصح ضباطه بضرورة الحفاظ على التواصل مع عبد الناصر.

إسرائيل: عبد الناصر شخصية معتدلة قابلة للتفاهم!

لاحقاً، مع تولي عبد الناصر السلطة، أدركت أجهزة الاستخبارات الغربية أن الزعيم الجديد في مصر قد يكون مفتاحاً لتسوية كبرى في الشرق الأوسط. تقارير المخابرات الأمريكية والبريطانية رأت في عبد الناصر شخصية "معتدلة" مقارنة بغيره، ورأى بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، أن هناك فرصة سانحة لتحقيق السلام مع مصر. استند في تفاؤله إلى هذا اللقاء مع عبد الناصر أيام الحرب.

ولم تظل الأمور رهينة التحليلات، فقد دخلت الاتصالات السرية حيز التنفيذ عبر قنوات متشعبة، حملت رسائل من أطراف غربية ويهودية مؤثرة، وحتى ألبرت أينشتاين نفسه حاول التوسط بين القاهرة وتل أبيب عبر قنوات خلفية بحسب رواية محمد حسنين هيكل في كتابه "القنوات السرية". غير أن عبد الناصر رفض الفكرة.

لكن بحسب المؤرخ الفلسطيني سعيد أبو الريش، شكل عبد الناصر في عام 1953 فريقًا سريًا لاستكشاف فرص الوصول إلى اتفاق مع إسرائيل، وهو ما دعمه لاحقًا رئيس الموساد مائير عميت في مذكراته "وجها لوجه"، مؤكدًا مشاركة عملاء من الموساد في تلك المفاوضات السرية بباريس بين عامي 1952 و1955.

وثائق إسرائيلية رفعت عنها السرية لاحقاً، كشفت أن الرئيس عبد الناصر بعث برسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه شاريت عبر وسيط في باريس، يعرض فيها رغبته في "حل سلمي" للمشكلة. لكن "العملية سوزانا"، التي قامت فيها شبكة تخريبية إسرائيلية بأعمال إرهابية داخل مصر، لتخريب انسحاب بريطانيا من قناة السويس، فجرت كل شيء. ومع إعدام المتورطين، انهارت خطوط الاتصال، ومهدت الطريق لانفجار مواجهات دموية، بلغت ذروتها بالعدوان الثلاثي واحتلال إسرائيل لسيناء.

سلام ما بعد النكسة

مرت السنوات، وجاءت نكسة يونيو 1967 لتقلب كل الحسابات، إذ أدرك عبد الناصر أن مشروع تحرير فلسطين من البحر إلى النهر أصبح أبعد منالا، وبدأ تغيير الخطاب السياسي المصري بشكل لافت، مبديًا استعداده لقبول إنهاء الحرب مع إسرائيل حال استعادة الأراضي المصرية، متحدثًا عن "إزالة آثار العدوان" بدلاً من القضاء على إسرائيل تماما، وانخرط عبد الناصر في مفاوضات الأمم المتحدة بحثاً عن مخرج سياسي، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دون أن يغامر مجدداً بدماء شعبه.

ذروة هذا التحول السياسي كانت في يوليو 1970 عندما قبل عبد الناصر بما سمي "خطة روجرز"، التي صاغها وزير الخارجية الأمريكي حينها وليام روجرز، في محاولة لتحقيق تسوية سلمية جزئية بين العرب وإسرائيل، ولم يكن ذلك استسلامًا كما حاول البعض تصويره، بل كان امتدادًا طبيعيًا لتطور رؤيته الواقعية: لا مجال بعد اليوم لحروب عبثية تُهدر فيها الأرواح بلا طائل.

هكذا تبدو علاقة عبد الناصر بإسرائيل قصة أكثر تعقيدًا مما تختزله الروايات التقليدية: علاقة بدأت على مائدة غداء في قلب معركة، ونضجت تحت أهوال الحروب، قبل أن تنتهي بتسجيل صوتي يكشف عن زعيم أدرك أن كرامة الشعوب لا تُحفظ بالهتافات، بل تُصان بخطاب سياسي يسعى إلى السلام لا إلى الحرب.


قبل أن يُشعل الهلالي جدل المواريث.. محمد عبده فجّرها: يجوز تعطيل كل مباح ثبت ضرره!



عبد السميع جِميل

في اللحظة التي أعلن فيها أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، دعوته للمساواة في الميراث بين الذكر والأنثى، بدا وكأنه فتح صندوقًا مكتومًا داخل المؤسسة الدينية في مصر، صندوقًا مليئًا بالتحفظات والجمود والاتهامات بالتدليس والتكفير والملاحقات القضائية!.

 الهلالي، دعا صراحة إلى المساواة الكاملة بين الذكر والأنثى في الميراث، مستندًا – حسب تصريحه – إلى غياب نص قرآني صريح يمنع هذه المساواة، مشيرًا إلى أن تركيا قد سبقت في هذا الاتجاه منذ عام 1937، كما لفت إلى وجود نماذج مشابهة داخل المجتمع المصري، مستشهدًا بقانون المعاش رقم 148 لسنة 2019، الذي يُورّث المعاش للذكور والإناث دون تفرقة.

 وأشار أيضًا إلى أن بعض الأسر في مصر تختار طوعًا تقسيم الإرث بالتساوي بين الذكور والإناث، انطلاقًا من مبدأ التراضي، وليس الإلزام، ما يعكس - بحسب رأيه - إمكانية تقبل المجتمع لفكرة التغيير التدريجي في منظومة الإرث.


من النقاش العلمي إلى الهجوم الشخصي

هذا الطرح أشعل حريقًا واسعًا داخل أروقة المؤسسات الدينية، إذ سارعات دار الإفتاء المصرية إلى إصدار بيان رافض، معتبرة الخلط بين التبرع الفردي والتشريع العام مغالطة منهجية، مشيرة إلى أنه لا يجوز تحويل هذا الفعل الفردي إلى تشريع ملزم، ليدخل الأزهر على الخط ببيان أكثر صرامة، شدد فيه على أن أحكام الميراث من النصوص القطعية التي لا تقبل الاجتهاد، مؤكدًا أنها جزء لا يتجزأ من المنظومة الشرعية التي لا تتغير بتغيرالزمان أو المكان.

 وبلغ التصعيد ذروته عندما انزلق بيان الأزهر إلى منحى شخصي، وُصف فيه الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بأنه "غير مؤهل للافتاء أو الاجتهاد"، وأن "تجديد الفكر وعلوم الإسلام حِرفة دقيقة لا يُحسنها إلا العلماء الرَّاسخون، المشهود لهم بالديانة والتَّمكن، داخل الأروقة العِلمية، وليس على الشّاشات".

 كما أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانًا ناريًا لم يذكر اسم الهلالي صراحة، لكنه ذكر صفته كصاحب دعوة المساواة في الميراث، ووصفه بـ”المدلس” الذي “يعمل على تحليل الحرام وتحريم الحلال” و”التَّستُّر خلف شعارات حقوق المرأة للطعن في أحكام الإسلام”!. وزاد البيان في حدّته باتهام الهلالي بأنه صاحب "شذوذ في التفسير يعيد إنتاج الفكر التكفيري المنحرف" ويقترف “جرائم فكرية ومعرفية تستوجب المحاسبة”.

 لذلك كان طبيعيًا أن يتحول السجال من النقد العلمي إلى الهجوم الشخصي في الفضاء الإعلامي، حيث خرج أحد أساتذة الأزهر، الدكتور عبد التواب عثمان، ليصرّح في لقاء تلفزيوني بأن الردود الفكرية على الهلالي لم تعد كافية، متسائلًا: "إلى متى الصبر والانتظار على الهلالي؟"، وهي عبارة تحمل في طياتها نبرة تحريض ضمني على ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية تتجاوز حدود النقاش العلمي، وربما حدود القانون.

 وتجلّى هذا الاتجاه بشكل أوضح عندما ترددت دعوات من بعض أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر للمطالبة بالتحقيق مع الهلالي وسحب شهادة الدكتوراه منه، غير أن الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمي للجامعة نفى اتخاذ أي إجراء بالتحقيق مع الهلالي، مؤكدًا أن الجامعة "تتنصل" من تصريحاته التي "لا تمثل سوى رأيه الشخصي".


كتالوج التجديد المحير عند الإمام الطيب

المفارقة أن هذا الهجوم الحاد جاء في وقت تتحدث فيه المؤسسة الأزهرية عن ضرورة تجديد الفكر الديني، وعن أخطار الجمود في التعامل مع التراث. بل إن شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، صرّح مؤخرا في برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب" بأن “تقديس التراث الفقهي يؤدي إلى الجمود”!. وأن "كل تجديد كان يُنظر إليه داخل الأزهر على أنه خروج على الشريعة وتفريط في الدين". ومع ذلك، لم يجد الهلالي في المؤسسة الأزهرية، التي تُنادي ظاهريًا بالتجديد، حاضنة أو حتى مساحة حوار. بل وجد نفسه في مواجهة عاصفة من الاتهامات بالتضليل ومعاداة الدين!.

 حجة الإمام الطيب هنا أنه “لا تجديد بحال من الأحوال في النصوص القطعية”. واضعًا بذلك آيات المواريث ضمن هذا الإطار المحصن من التجديد. لكن هذه الرؤية تواجهها إشكالات حقيقية “نصية وغير نصية”؛ ففي مقابل آية المواريث المعروفة: “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن”، نجد آية أخرى ذات طابع إلزامي أكثر حدة، وهي آية الوصية: “كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ…”. وقد استخدم فيها النص تعبير “كُتب عليكم”، وهو أشد في الدلالة من “يوصيكم”، مما جعل بعض المفسرين مثل الطبري وداود الظاهري، يميلون إلى أن الأصل في توزيع المال بعد الموت هو الوصية، القائمة على “حرية تصرف الشخص في ماله” حتى أن كل آية من آيات المواريث تنتهي بجملة واضحة ومكررة دائمًا: "من بعد وصية يوصي بها أو دين"، وهو شرط يجعل من الوصية أولوية قبل آية المواريث التي تأتي في مرتبة تالية في حالة عدم وجود تلك الوصية، في حين ذهب فقهاء من الشافعية والحنابلة إلى أن آية الوصية منسوخة ومعطلة من الأساس بقاعدة فقهية تقول إنه “لا وصية لوارث”، وذهب غيرهم من الحنفية والمالكية إلى أنها منسوخة ومحصورة في الثلث فقط!، فأفرغوها من مضمونها الإلزامي. المفارقة هنا أن من يرفض اليوم أي اجتهاد في آيات المواريث تحت دعوى احترام “النص القطعي”، هو نفسه يستند إلى اجتهاد فقهي سابق عطّل نصًا آخر من القرآن الكريم، أو قيّده!


عمر بن الخطاب سبق الهلالي!

 التاريخ الإسلامي يعج بنماذج للاجتهاد الجريء في مواجهة النصوص القطعية عندما لم تعد تواكب الواقع. عمر بن الخطاب، أحد أبرز الصحابة، أوقف العمل بسهم “المؤلفة قلوبهم” لمصلحة اجتماعية رأى أنها تتجاوز النص، رغم ذكره الصريح في القرآن، وبرر ذلك بأن الإسلام لم يعد في حاجة لتأليف القلوب بعد أن أصبح قويًا راسخًا. وقال قولته الشهيرة: “إن رسول الله كان يتألفكما والإسلام يومئذ قليل، وقد أغنى الله الإسلام، فاذهبا فاجهدا جهدكما”. لم يعترض أحد، ولم يُتّهم عمر بالخروج عن النص، بل عُدّ اجتهاده جزءًا من عظمة فقهه ورؤيته السياسية، لكن أحدًا أيضًا لم يستثمر هذه الفلسفة في تطوير منهج التعامل مع النص.

 الامر نفسه نفعله اليوم فيما يخص آيات الرق والعبودية والجزية والغنائم التي تجاوزها الواقع رغم وجود نصوص قطعية عليها - لماذا إذن لا يُسمح بالسؤال نفسه حول آيات المواريث، وقد تبدلت أوضاع النساء وطرائق المعيشة؟


من أول مفتي إلى أول إمام للسلفية: يجوز منع كل مباح!

الشيخ محمد عبده، أول مفتي للديار المصرية، سار على النهج نفسه حين دعا لتقييد تعدد الزوجات، معتبرًا أنه ليس حكمًا إلهيًا أبديًا، لا يجوز الاجتهاد فيه، بل عُرفًا من عادات العصور القديمة يمكن تقييده أو منعه إذا ظهرت مفاسده، وقال نصًا: “وأما جواز إبطال هذه العادة، أي عادة تعدد الزوجات، فلا ريب فيه”. وأضاف: “يجوز للحاكم أو لصاحب الدين أن يمنع تعدد الزوجات والجواري صيانة للبيوت عن الفساد”.

 الأكثر إثارة هو أن هذا الموقف شاركه فيه تلميذه الشيخ محمد رشيد رضا، شيخ شيوخ السلفية في مصر، الذي أكد أن التشريع الإسلامي يقبل التعديل وفق ما تقتضيه المصلحة، وقال إن منع التعدد جائز، إنطلاقا من “قاعدة جواز منع كل مباح ثبت ضرر استعماله لدى أولي الأمر!، ومنه منع حكومة مصر لصيد بعض الطيور التي تأكل حشرات الزرع..، ومنع ذبح عجول البقر أحايا للحاجة إليها في الزراعة”. الفكرة المحورية هنا هي أن التشريع في جوهره وسيلة لتحقيق المصلحة العامة، وليس غاية في ذاته.

 اليوم، يُعيد مفكرون معاصرون مثل الدكتور الهلالي والشيخ عدنان إبراهيم النظر في عدالة تقسيم الميراث، في ضوء التحول الجذري الذي طرأ على أدوار النساء الاقتصادية والاجتماعية. عدنان قال مؤخرًا إن التشريع في الميراث جاء ليحقق عدالة زمنية ارتبطت بواقع اجتماعي كانت فيه المرأة تلزم بيتها ويتحمل الرجل وحده النفقة، أما اليوم، وقد تغيّر هذا الواقع، ولم تعد المرأة حبيسة البيت ولا عالة على الرجل، بل شريك اقتصادي وممول أساسي للأسرة، ومن ثمَّ العدالة تقتضي مراجعة تلك الأحكام


العقل الأشعري عقبة أمام التجديد!

للأسف، هذا النوع من التفكير لا يجد قبولًا في العقل الأزهري، الذي يهيمن عليه الفكر الأشعري القائم على تقديم النقل على العقل، وفق قاعدة "التحسين والتقبيح نصي لا عقلي"، حيث تُفهم الأوامر الإلهية كأنها تعبدية محضة، لا تقبل النقاش ولا التغيير. بينما الحقيقة أن التشريع في جوهره، لم يُوضع عبثًا، بل وُضع ليعالج مشاكل الواقع، ويحفظ مصالح الناس، ويُراعي متغيراتهم، وعندما يتغير الواقع الاجتماعي يغير الناس تلك القوانين والتشريعات لتناسب تطور هذا المجتمع ومشكلاته الجديدة، فالشريعة ليست أحكامًا محفوظة في متحف، بل مشروع حياة حيّ، يتحرك كما يتحرك الناس، ويتطوّر كما تتطوّر مجتمعاتهم.

 السؤال الأهم اليوم لم يعد ما إذا كان الهلالي مصيبًا أو مخطئًا، بل ما إذا كنا نملك مساحة للاجتهاد الحر والنقاش الحقيقي دون أن تتحول كل محاولة للتفكير المختلف إلى تهمة بالخيانة أو التكفير. فالمجتمعات لا تتقدم بالتحجر، بل بالحوار، ولا تزدهر الشريعة بالجمود، بل بالحياة داخل الناس، لا فوق رؤوسهم.

الشيخ الجوسقي .. صفع نابليون على قفاه!

 


حكاية غريبة ترددت عن شيخ مصري واجه نابليون بونابرت بجرأة لا تُصدق خلال الحملة الفرنسية، وصفعه على قفاه! لكن... ما الحقيقة وراء هذه القصة؟ عبد السميع جميل يكشف التفاصيل في هذا الفيديو من المحتوى المصري




من المعتزلة إلى ابن تيمية والشعراوي: الكوارث الطبيعية ليست غضبا من الله !


✍️ بقلم: عبد السميع جميل

بينما يتسابق العلماء لفهم كوارث الطبيعة ومواجهتها، ينشغل البعض بترويج تفسيرات خرافية للشماتة في الخصوم وتبرير عجزهم عن فهم هذه الظواهر، مثلما كان يفعل الإنسان البدائي وهو يفسر الظواهر الطبيعية بتفسيرات أسطورية؛ فالبرق والرعد والزلازل كانت تُعتبر تعبيرًا عن غضب "آلهة الشر". أما اليوم، فإن الإنسان الحديث يعتمد على العلم لفهم هذه الظواهر.

لكن المفارقة المثيرة للدهشة هي أن بعض العقليات المعاصرة لا تزال تعتمد على التفسيرات الخرافية، وتستند إلى تفسيرات لا عقلانية لآيات قرآنية مرتبطة بحالات خاصة، لإسقاطها على حالات عامة. على سبيل المثال، يستشهدون بآية: “وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا” لتبرير حدوث الكوارث. لكن العديد من المفسرين يؤكدون أن هذه الآيات محصورة بأمم سابقة، وأن التدخل الإلهي المباشر انتهى برسالة النبي محمد، وفقًا لآية: “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ”.


ولذلك ذهب كثير من العلماء والمفكرين إلى أن فكرة العقاب الإلهي العام للشعوب بالكوارث الطبيعية تتعارض مع مفهوم العدل الإلهي، الذي لا يعاقب الأبرياء بجرائم لم يرتكبوها. وقد استندوا إلى حديث النبي: “إني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة”. كما أشاروا إلى أن التدخل الإلهي المباشر توقف بعد نزول التوراة، وفقًا لحديث الحاكم في المستدرك: “مَا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمًا، وَلَا قَرْنًا، وَلَا أُمَّةً، وَلَا أَهْلَ قَرْيَةٍ مُنْذُ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِعَذَابٍ مِنَ السَّمَاءِ”.

الشيخ الشعراوي وابن تيمية والمعتزلة: نهاية عذاب الاستئصال

هذا ما أكد الشيخ الشعراوي في تفسيره لآية 43 من سورة القصص، حيث قال نصًا إن "عذاب الاستئصال انتهى بنزول التوراة". كما أشار ابن تيمية في كتابه "الجواب الصحيح" إلى أنه "بعد نزول التوراة لم يهلك الله مكذبي الأمم بعذاب من السماء يعمهم، بل أمر المؤمنين بجهاد الكفار". حتى المعتزلة رفضوا فكرة التدخل الإلهي المباشر، مؤكدين أن العالم تحكمه قوانين طبيعية، كما قال القاضي عبد الجبار: “أحداث الطبيعة تحدث عن أسباب وليست عن فعل إلهي مبتدأ”.



ووفقُا لمفتي الجمهورية المصرية السابق شوقي علام، فإن “نزول البلاء لا يعني غضب الله على عباده، فقد ورد عن النبي إنه قال: إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم”. ما يؤكد أن الكوارث الطبيعية قد تكون اختبارًا وفرصة للتأمل والتحسين، وليس بالضرورة عقابًا إلهيًا.

التوظيف السياسي للكوارث: لعبة الجماعات الدينية

الجماعات الدينية تستغل الكوارث الطبيعية لخدمة أهدافها السياسية.فإذا حدثت كارثة في دولة معادية لهم، ادعوا أنها "غضب إلهي"، أما إذا لحقت بهم الكارثة نفسها، زعموا أنها "ابتلاء"! وهو تناقض يشبه أمثالنا الشعبية المتناقضة التي تقول مرة: "النار مبتصبش مؤمن"، وفي مرة أخرى:"المؤمن مصاب".

العدد الحقيقي لأهرامات مصر

 


ربما لا يعلم البعض أن مصر ليست موطنًا لثلاثة أهرامات فقط .. في هذا الفيديو القصير، تستعرض رغدة شاهين العدد الحقيقي للأهرامات في مصر وأسرارها المذهلة:



مجدي يعقوب يطور صمامات قلب حية تدوم مدى الحياة


في إنجاز طبي يُعد الأول من نوعه، قاد السير المصري مجدي يعقوب، جراح القلب الشهير، مشروعًا علميًا لتطوير صمامات قلب حية تنمو بشكل طبيعي داخل الجسم وتدوم مدى الحياة. هذا الاختراع الجديد يهدف إلى القضاء على الحاجة لإجراء جراحات متكررة لاستبدال الصمامات، مما يعد بفرصة جديدة لآلاف المرضى حول العالم.

إنجاز طبي غير مسبوق 
يُعتبر استبدال صمام القلب من العلاجات المنقذة للحياة، لكن يعقوب أكد أن الحلول الحالية ليست دائمًا فعّالة على المدى الطويل. حيث تتطلب الصمامات الميكانيكية أدوية مدى الحياة لمنع تجلط الدم، بينما لا تدوم الصمامات البيولوجية إلا لعشر سنوات. لكن الابتكار الذي يقوده يعقوب يتضمن صمامات حية مصنوعة من ألياف تذوب بمرور الوقت لتترك صمامًا حيًا يتكون بالكامل من أنسجة المريض.

نجاح التجارب الأولية
أظهرت التجارب المبكرة على الأغنام نجاحًا لافتًا، حيث تم تحفيز نمو أكثر من 20 نوعًا من الخلايا في الأماكن الصحيحة داخل الصمام. هذه النتائج المبشرة تدعم إمكانية تطوير صمامات حية قابلة للنمو داخل الجسم، وهو ما يمثل ثورة في جراحة القلب.

التجارب البشرية 
من المقرر أن تبدأ التجارب البشرية على هذه الصمامات الحية خلال 18 شهرًا، وسيشارك فيها ما بين 50 إلى 100 مريض، يشملون البالغين الذين انتهت صلاحية صماماتهم البديلة وكذلك الأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية في القلب. سيتم مقارنة أداء هذه الصمامات الحية بالصمامات الاصطناعية التقليدية في تجارب تُجرى بمشاركة فريق دولي من الخبراء.

تغيير حياة المرضى
إذا نجحت هذه الأبحاث على البشر، فإنها قد تُحدث طفرة كبيرة في مجال علاج أمراض القلب، خاصة للأطفال الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية متكررة بسبب عدم نمو صماماتهم مع أجسامهم. هذا الإنجاز قد يغير حياة ملايين المرضى حول العالم، ليمنحهم صمامات قلب تنمو معهم مدى الحياة.

التمويل والدعم الدولي
تم تمويل هذا المشروع من الحكومتين البريطانية والألمانية، وهو يشهد دعمًا علميًا كبيرًا من مؤسسات مرموقة في العالم. يتعاون فريق الباحثين في مستشفى هيرفيلد مع خبراء من جامعة لندن، مستشفى جريت أورموند ستريت، ومراكز طبية في نيويورك، إيطاليا، وهولندا لتحقيق نجاحات أكبر في هذا المجال.

مع استمرار هذه الأبحاث والتجارب، يبقى الأمل كبيرًا في أن يكون هذا التطور الطبي هو الحل النهائي لمشاكل صمامات القلب، مقدمًا فرصًا جديدة للمستقبل.

حين تصبح الثقافة بالكيلو .. زيدان والسواح: "احنا أهم من طه حسين"!


✍️ بقلم: عبد السميع جميل

في حفل تتدشين مؤسسة تكوين بالمتحف المصري الكبير بعنوان "خمسون عامًا على رحيل طه حسين"، أطلق الكاتبان يوسف زيدان وفراس السواح تصريحات أثارت جدلاً واسعًا، حيث زعما أنهما "أفضل" من عميد الأدب العربي، طه حسين، استنادا إلى النجاح التجاري وسرعة مبيعات كتبهما مقارنة بمبيعات كتب العميد في عصره!. هذا الادعاء يكشف عن التحول المثير في معايير التقييم الأدبي والفكري اليوم، حيث تُقاس القيمة الثقافية بمؤشرات بـ "الريتش" وأرقام المبيعات والانتشار السريع، على غرار سوق أغاني المهرجانات الشعبية، بدلاً من جودة المحتوى وعمقه وتأثيره المستدام.



لكن بعيدًا عن الهجوم العكسي المتسرع ضد زيدان والسواح، في سبيل الدفاع عن الدكتور طه حسين، ينبغي الإشارة بهدوء تام إلى نقاط بسيطة وموجزة للغاية تكشف بوضوح شديد استحالة المقارنة بينهما وبين أحد أعظم رموز النهضة الثقافية المصرية.

حتى بالأرقام .. طه حسين يكسب

إذا بدأنا بمقياس الأرقام، فإن كتاب "الأيام" لطه حسين، وتحديدًا الجزء الأول منه، يُعد أكثر انتشارًا وتأثيرًا من مجموع إنتاج يوسف زيدان وفراس السواح. يكفي أن نعلم أن هذا العمل الأدبي الرائع، الذي أصبح مقررًا دراسيًا في المدارس المصرية منذ عقود، كُتب في تسعة أيام فقط! ومع ذلك، فإن عظمة طه حسين لا تكمن فقط في غزارة إنتاجه الأدبي والفكري، ومدى انتشاره، بل في إرثه الذي لا يزال حيًا وفاعلًا في تشكيل ملامح الثقافة العربية، وهو ما تجلى في أعمال جميع رموز الأدب والفكر والفلسفة والدين والتاريخ في مصر والعالم العربي حتى يومنا هذا.

طه حسين لم يكن مجرد كاتب أو أديب؛ كان رجل دولة ومصلحًا اجتماعيًا وصاحب رؤية تنويرية تركت أثرها في مجالات شتى. فإلى جانب إسهاماته الأدبية، يُعتبر طه حسين "أبو الجامعات المصرية"، حيث لعب دورًا رئيسيًا في تأسيس جامعة عين شمس، الإسكندرية، وأسيوط. وقد أنشأ جامعة المنصورة، مقابل وجبة غداء!

فعل ما لم يفعله أي مثقف في مصر

طه حسين هو أيضًا الرجل الذي جعل التعليم متاحًا للجميع، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية أو الجنس. كان له الدور الأكبر في إدخال البنات إلى الجامعة لأول مرة في تاريخ مصر، كما قاد جهود تعميم التعليم الابتدائي والثانوي المجاني، وهو الأساس الذي توسعت عليه فكرة مجانية التعليم الجامعي في عهد عبد الناصر.

ولا ننسى أنه كان أول مصري يحصل على درجة الدكتوراه، بل حصل على سبع درجات دكتوراه من أبرز الجامعات العالمية. كما رُشِّح لجائزة نوبل للأدب أكثر من 21 مرة، وهو تكريم يُبرز عمق تأثيره على المستوى العالمي.

تحدى المستحيل!

ليس أعظم ما في قصة طه حسين شجاعته الشخصية. ولا كونه شابًا صعيديًا كفيفًا نشأ في ظروف الفقر، ومع ذلك تمكن من تحدي كل الصعاب ليصبح ليس فقط أكاديميًا بارزًا، بل فيلسوفًا وأديبًا وصحفيًا وسياسيًا ووزيرًا أثر في تاريخ مصر بأكمله، فتلك إشارات لنقاط بسيطة وموجزة للغاية عن عظمته ربما تكشف فقط الفارق الهائل بينه وبين غيره.

خارج المنافسة

من الظلم أن نختصر قيمة الأدب والفكر في مؤشرات تجارية. فالأعمال العظيمة هي تلك التي تبقى خالدة في الوجدان الإنساني، تؤثر في تشكيل الوعي وتنير العقول عبر الأجيال. طه حسين لم يكن مجرد كاتب ناجح؛ كان منارة ثقافية تُلهم الجميع. وعليه، فإن أي مقارنة بينه وبين غيره لا ينبغي أن تُبنى على أرقام المبيعات، بل على عمق الأثر وخلود الإبداع.

طه حسين ليس فقط عميد الأدب العربي، بل هو رمز لعظمة الفكر والتجديد في مصر والعالم العربي، وهو معيار من الصعب أن يُضاهى.

يهمك أيضاً:



أرض الفيروز خضراء!.. مصر تحول سيناء إلى جنة لإنقاذ العالم



مهندس هولندي قدم للحكومة المصرية
#مشروع_عالمي ضخم لتحويل #سيناء_المصرية إلى #جنة_خضراء لإنقاذ العالم، المشروع يهدف إلى تحويل مساحة شاسعة من صحراء شبه_جزيرة_سيناء القاحلة إلى #أرض_خضراء تعج بالحياة النباتية والحيوانية على مساحة تُقدّر بحوالي 13,500 ميل مربع من سيناء، وهو ما تعرضه لنا رغدة شاهين في هذا الفيديو القصير من #المحتوى_المصري




أسرع طريقة لعلاج التلبس بالجن والعفاريت .. اعتمدها أعظم فلاسفة الإسلام


يحكي الفيلسوف والأديب المعتزلي العظيم "الجاحظ" قصة مدهشة عن تصرف شديد الذكاء من أحد أصدقائه في التعامل مع أشهر الحالات الشائعة عن التلبس بالجن والعفاريت، فيقول:

بلغنا عن عقبة الأزدي أنه أتى جارية "جنت" في ليلة زفافها، إذ حدث لها تشنجات حين أراد الزوج الدخول بها، وسقطت مغشيا عليها، فأحضروا صديق الجاحظ فورًا لعلاجها وطرد الجن والعفاريت منها

وهنا طلب منهم "المعالج" إخلاء الغرفة تماما للانفراد بها وحدها، ففعلوا. وفي دقائق معدودة استطاع بحنكته وذكائه، كشف الحقيقة من الجارية نفسها، إذ قال لها: أصدقني عن نفسك وعلّي خلاصك. فقالت: إنه قد كان لي صديق وأنا في بيت أهلي، وإنهم أرادوا أن يدخلوا بي على زوجي، ولست ببكر، فخفت الفضيحة، فهل عندك من حيلة في أمري ؟ قال: نعم.

فكر الرجل في حيلة ذكية تحمي الجارية وتحفظ ماء وجه الجميع، وخرج إلى أهلها، وأخبرهم أن الجني وافق على الخروج منها، ولكنه اشترط أن يخرج من أحد أعضائها، وعليكم اختيار العضو المناسب، مع العلم أن "العضو الذي يخرج منه الجن، لا بد وأن يهلك ويفسد، فإن خرج من عينها عميت، وإن خرج من أذنها صُمت، وإن خرج من فمها خرست، وإن خرج من يدها شلت، وإن خرج من رجلها عرجت، وإن خرج من فرجها ذهبت عذريتها".

فكر أهلها في الأمر قليلا، ثم قالوا: ما نجد شيئاً أهون من ذهاب عذريتها، فأخرج الشيطان من فرجها. فأوهمهم أنه فعل، وضمن للمرأة بداية حياة جديدة مع زوجها.

 

تشعل الحروب! .. هل أبواق الملك "توت عنخ آمون" ملعونة؟!

 


منذ اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922، كانت التحف التي عُثر عليها مصدرًا للأسرار والأساطير. لكن واحدة من أكثر هذه القطع إثارة للجدل هي "أبواق الملك توت" التي ارتبطت بسلسلة من الأحداث الكارثية منذ أن نُفخ فيها لأول مرة عام 1939.

اكتُشفت الأبواق ضمن كنوز المقبرة الشهيرة، وهي مصنوعة من الفضة والنحاس، وتُعتبر أقدم أدوات موسيقية عُرفت في التاريخ. اعتُقد أن استخدامها كان لأغراض طقوسية أو لإعلان الحروب. ولكن مع أول محاولة لنفخ أحد الأبواق، بدأت سلسلة من المصائب الغريبة.

اليوم، تُعرض الأبواق في المتحف المصري الكبير، لكنها تظل محاطة بأجواء من الغموض والأسئلة التي لم تُجب بعد: فمنذ اكتشافها عام 1939 ارتبط نفخها بأحداث عالمية كارثية، فهل يمكن أن تكون أبواق #الملك #توت_عنخ_آمون ملعونة؟ .. في هذا الفيديو من المحتوى المصري، تستعرض رغدة شاهين القصة الغامضة لهذه الأبواق




أنجب أكثر من 100 طفل!.. من هو مؤسس "تليجرام"؟


بافيل دوروف، مؤسس تطبيق "تليجرام"، يوصف بأنه مزيج من ذكاء مارك زوكربيرج، عادات جاك دورسي الغريبة، وروح إيلون ماسك التحررية. هذا الشاب الروسي المولود في سانت بطرسبرغ عام 1984، أثار الجدل عالميًا بسجله في مواجهة الحكومات وابتكاراته التقنية.

الرحلة من روسيا إلى العالمية
بدأ دوروف حياته التقنية في سن 21 عامًا عندما أسس مع شقيقه نيكولاي منصة "فكونتاكتي"، المعروفة بـ"فيسبوك روسيا". لكن خلافاته مع الكرملين، خاصة رفضه إغلاق صفحات المعارضة، دفعته إلى بيع أسهمه في المنصة والرحيل عن روسيا.

في 2013، أسس دوروف تطبيق "تليجرام" في برلين، ليصبح رمزًا للخصوصية والحرية الرقمية. بمرور الوقت، انتقل للعيش في دبي، حيث أسس مقر الشركة مستفيدًا من البيئة الداعمة للأعمال هناك، وحصل على الجنسية الإماراتية والفرنسية.

جدل واتهامات

رغم شعبيته في الدول ذات الأنظمة الاستبدادية، حيث يعتبر "تليجرام" منصة للمقاومة الرقمية، إلا أنه واجه انتقادات لعدم السيطرة على المحتوى غير القانوني. مؤخراً، أوقفت السلطات الفرنسية دوروف في باريس بتهم تتعلق بالسماح بممارسات غير قانونية على منصته، مما أعاد الجدل حول دوره وموقفه من الخصوصية الرقمية.

حياته الشخصية

على صعيد شخصي، كشف دوروف عن فلسفة خاصة في بناء العائلة. غير متزوج، ولديه خمسة أطفال من علاقات سابقة، كما أنه تبرع بالحيوانات المنوية لإنجاب أكثر من 100 طفل في 12 دولة، ما يعكس روحاً غير تقليدية في حياته الخاصة.

من الصلع إلى الشعر الطويل
بافيل دوروف، المعروف الآن بشعره الطويل ومظهره الأنيق، مر بتحولات كبيرة في مظهره على مر السنين. في شبابه، كان يُعرف بشعره القصير وأذنيه البارزتين نوعًا ما، وهو ما جعله يبدو مختلفًا تمامًا عن الصورة العامة الحالية التي اشتهر بها.

مع تقدمه في العمر، تبنى مظهرًا أكثر عناية وأناقة، حيث أصبح شعره الطويل وجاذبيته جزءًا من علامته الشخصية، ليُظهر كيف يمكن للتطور الشخصي أن يعكس النجاح المهني.


ثروة وتأثير
تُقدر ثروة دوروف بنحو 15.5 مليار دولار، ليحتل المرتبة 120 في قائمة فوربس لأثرياء العالم. لكن وراء هذه الأرقام، يقف رجل يثير الإعجاب والجدل، يجمع بين شغف التقنية ورؤية خاصة للحرية الفردية.

دوروف ليس فقط مؤسس "تليجرام"، بل رمز لتحولات عالم التقنية، حيث الخصوصية تصطدم بالقوانين، والابتكار يواجه النقد.


نبيل فاروق "رجل المستحيل" الحقيقي!

 

الدكتور نبيل فاروق، أحد أبرز الكُتّاب الذين شكلوا وجدان جيل كامل في مصر والعالم العربي. أسر قلوب الملايين بأسلوبه البسيط والساحر الذي مزج بين أدب الجاسوسية والخيال العلمي، خاصة في سلسلتي "رجل المستحيل" و"ملف المستقبل"، اللتين تربى عليهما الشباب، وخلّدتا اسمه كواحد من رواد روايات الجيب في المنطقة.

ما لا يعرفه كثيرون أن نبيل فاروق لم يكن كاتبًا محترفًا منذ البداية، بل طبيب أطفال. لكن حياته أخذت منعطفًا حادًا عندما شارك وهو لا يزال طالبًا في كلية الطب بطنطا في عملية استخباراتية كشفت عن جاسوسين إنجليزيين يعملان تحت غطاء تدريس اللغة الإنجليزية.

يحكي فاروق عن تلك الواقعة قائلاً: "عندما دخلت مبنى المخابرات لأول مرة وشاهدت الشعار، كنت منهارًا وأعتقد أنني ارتكبت مصيبة". هذه التجربة غيرت مسار حياته بالكامل، إذ تعرّف على أربعة ضباط مخابرات محترفين ألهموه ليبتكر شخصية البطل المصري الوطني "أدهم صبري"، التي كانت مزيجًا من مهاراتهم وصفاتهم، وقدم من خلالها نموذجًا مختلفًا للبطل بعيدًا عن الصور النمطية للأبطال الهوليووديين أو التاريخيين المعتمدين من الجماعات الدينية.

رغم تجاهل الوسط الأدبي اليساري لكتاباته واعتماده بالكامل على دور النشر الخاصة، نجح فاروق في كتابة أكثر من 160 رواية في سلسلة "رجل المستحيل"، مستمرًا في إلهام الشباب بشخصياته المثيرة وحبكاته المشوقة.

الأكثر إثارة للإعجاب هو أن نبيل فاروق أنجز كل هذا رغم معاناته من مشاكل صحية كبيرة. فقد خضع لعملية زرع كلى، وبُترت إحدى قدميه ليتم تركيب قدم صناعية، بالإضافة إلى مشاكل في القلب والسكر وتغيير مفصل الحوض. ورغم كل هذه التحديات، ظل يقدم لنا نموذجًا عمليًا لرجل المستحيل الحقيقي، الذي لا يعرف المستحيل في حياته أو إبداعه.

نبيل فاروق ليس مجرد كاتب، بل أسطورة حية ألهمت أجيالًا كاملة بحكاياته، وأثبت أن الأدب يمكن أن يكون وسيلة لصناعة الأمل والتغيير.