الدكتور نبيل فاروق، أحد أبرز الكُتّاب الذين شكلوا وجدان جيل كامل في مصر والعالم العربي. أسر قلوب الملايين بأسلوبه البسيط والساحر الذي مزج بين أدب الجاسوسية والخيال العلمي، خاصة في سلسلتي "رجل المستحيل" و"ملف المستقبل"، اللتين تربى عليهما الشباب، وخلّدتا اسمه كواحد من رواد روايات الجيب في المنطقة.
ما لا يعرفه كثيرون أن نبيل فاروق لم يكن كاتبًا محترفًا منذ البداية، بل طبيب أطفال. لكن حياته أخذت منعطفًا حادًا عندما شارك وهو لا يزال طالبًا في كلية الطب بطنطا في عملية استخباراتية كشفت عن جاسوسين إنجليزيين يعملان تحت غطاء تدريس اللغة الإنجليزية.
يحكي فاروق عن تلك الواقعة قائلاً: "عندما دخلت مبنى المخابرات لأول مرة وشاهدت الشعار، كنت منهارًا وأعتقد أنني ارتكبت مصيبة". هذه التجربة غيرت مسار حياته بالكامل، إذ تعرّف على أربعة ضباط مخابرات محترفين ألهموه ليبتكر شخصية البطل المصري الوطني "أدهم صبري"، التي كانت مزيجًا من مهاراتهم وصفاتهم، وقدم من خلالها نموذجًا مختلفًا للبطل بعيدًا عن الصور النمطية للأبطال الهوليووديين أو التاريخيين المعتمدين من الجماعات الدينية.
رغم تجاهل الوسط الأدبي اليساري لكتاباته واعتماده بالكامل على دور النشر الخاصة، نجح فاروق في كتابة أكثر من 160 رواية في سلسلة "رجل المستحيل"، مستمرًا في إلهام الشباب بشخصياته المثيرة وحبكاته المشوقة.
الأكثر إثارة للإعجاب هو أن نبيل فاروق أنجز كل هذا رغم معاناته من مشاكل صحية كبيرة. فقد خضع لعملية زرع كلى، وبُترت إحدى قدميه ليتم تركيب قدم صناعية، بالإضافة إلى مشاكل في القلب والسكر وتغيير مفصل الحوض. ورغم كل هذه التحديات، ظل يقدم لنا نموذجًا عمليًا لرجل المستحيل الحقيقي، الذي لا يعرف المستحيل في حياته أو إبداعه.
نبيل فاروق ليس مجرد كاتب، بل أسطورة حية ألهمت أجيالًا كاملة بحكاياته، وأثبت أن الأدب يمكن أن يكون وسيلة لصناعة الأمل والتغيير.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق